الاحداث نيوز
عين الحقيقة

كامل إدريس يوجه اول صفعة للإمارات

صلاة الفاتح… كامل إدريس ونصل المواجهة في وجه المشروع الإماراتي

 

منوعات _ الأحداث نيوز _ بقلم: رشان أوشي

 

في صباح العيد، وبينما كان السودانيون يؤدّون شعائرهم وسط أجواء من القلق والانتظار، ظهر رئيس الوزراء السوداني د. كامل إدريس بزيه البجاوي متلوّياً “صلاة الفاتح” التجانية، في مشهد لم يكن عادياً. لم يكن بروتوكوليًا ولا استعراضياً، بل رسالة مقصودة تحمل رمزية ثقافية وروحية وسياسية، تُعبّر عن لحظة تحوّل في مشهد معقد يعاد فيه تعريف الدولة السودانية وهويتها.

 

اللافت في ظهور إدريس أنه كسر الصورة النمطية التي ترسّخت لدى السودانيين عن “النخب الباردة” القادمة من المنافي، والبعيدة عن تفاصيل مجتمعها. بدا مختلفاً عن سلفه عبدالله حمدوك، الذي كان ـ رغم كفاءته ـ معزولًا عن المجتمع السوداني، ولم يشاركهم لا في عيد ولا عزاء، بل ظل غريبًا عنهم في الوجدان، كما كان مشروعه غريبًا في جوهره عن قيم المجتمع.

 

بين حمدوك وإدريس… صراع على روح الدولة

 

حين ظهر حمدوك على الساحة، حمل معه مشروعًا ليبراليًا عابراً للحدود، استُجلب من الخارج، سعى لتحويل الخرطوم إلى نسخة من دبي، عبر تفكيك النظام الاجتماعي التقليدي لصالح نموذج منفتح على السوق والوكالات الدولية. لكنه مشروع فشل، ليس فقط لأنه اصطدم بقوى داخلية، بل لأنه لم يجد أرضية ثقافية واجتماعية حقيقية يقف عليها.

 

اليوم، ومع دخول إدريس إلى المشهد، يبدو أن السودان أمام خيار مختلف: نموذج حداثي، لكنه متصالح مع جذوره، يحاول المزج بين القيم المحلية والتحديث، دون التفريط في السيادة أو الارتهان لمشاريع الخارج.

 

الإمارات والمشروع الإقليمي… تحديات واستهداف السيادة السودانية

 

في السنوات الأخيرة، برزت ما يُعرف بـ”المشروع الإماراتي” في السودان كعامل إقليمي يسعى إلى توسيع نفوذ الإمارات عبر دعم فصائل مسلحة ومليشيات، استثمرت حالة الفوضى السياسية والاقتصادية التي شهدتها البلاد بعد عام 2019. هذا المشروع لم يقتصر على النفوذ الاقتصادي فحسب، بل امتد ليشمل تحريك أجندات سياسية تخلخل الاستقرار، وتزرع حالة من الانقسام والصراع في مناطق استراتيجية.

 

المزيد من المشاركات

تأتي هذه المحاولات ضمن مساعي لإعادة تشكيل المشهد السوداني بما يخدم مصالح خارجية على حساب السيادة الوطنية والهوية السودانية العميقة. ومن هنا، يشكل ظهور رئيس الوزراء د. كامل إدريس، وهو يرتدي الزي البجاوي ويؤدي “صلاة الفاتح” التي تعبّر عن عمق ارتباطه بالجذور والثقافة السودانية، رسالة واضحة رفض وتحدٍ لهذا التدخل الخارجي.

 

فإدريس يبرز نفسه كقائد يحمل مشروعاً وطنياً سيادياً، يهدف إلى إعادة بناء السودان على أساس الهوية والقيم المحلية، بعيداً عن سياسات التبعية والوكالة التي رافقت الفترات السابقة. وفي هذا الإطار، يعكس أداء صلاة الفاتح رمزياً مقاومة لإملاءات المشاريع الإقليمية، ومنها المشروع الإماراتي، الذي طالما اعتمد على دعم الفوضى والميليشيات لتحقيق أهدافه.

 

إن التوجه الحالي للحكومة السودانية بقيادة إدريس ليس مجرد تحرك سياسي داخلي، بل هو مواجهة استراتيجية لإعادة رسم خارطة النفوذ الإقليمي، وضمان سيادة القرار السوداني المستقل، وحماية مستقبل البلاد من الهيمنة الخارجية.

 

لحظة إعادة التأسيس

 

ما يطرحه إدريس، ضمنياً أو صراحة، هو مشروع لإعادة تأسيس الدولة السودانية، لا على النموذج المستورد، بل على مزيج من الاعتدال الوطني والتصالح مع الهوية. تيار الاعتدال ـ بحسب تعبير أوشي ـ بات يتقدّم، وهو ما قد يشكّل فرصة لصياغة نموذج سوداني خاص، يربط بين الاستقرار السياسي، ومحاربة التطرف، واستعادة السيادة الكاملة.

 

لكن هذا المشروع، حتى ينجح، لا بد أن يستصحب رؤية واضحة لتفكيك ما سمّته أوشي بـ”منهج التبعية والوكالة”، الذي طبع مرحلة ما بعد 2019، وتحوّل مع الوقت إلى عبء على تطلعات السودانيين، بل ومهدد لهويتهم الوطنية الجامعة.

لمتابعة اخبارنا عبر واتساب اضغط هنا

خاتمة

 

ظهور كامل إدريس في العيد ليس مجرد لحظة شخصية أو دينية. إنه، وفق تحليل أوشي، مشهد افتتاحي لمرحلة سياسية جديدة، يحمل فيه الرجل نصل المواجهة في وجه مشروع إقليمي آيل للسقوط، ويسعى لتقديم نفسه كقائد قادر على إدارة مرحلة إعادة البناء على أسس سودانية خالصة.

 

 

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.