الاحداث نيوز
عين الحقيقة

لأول مرة البرهان يكتب مقالاً لوول ستريت جورنال ..ماذا قال؟

لأول مرة البرهان يكتب مقالاً لوول ستريت جورنال ..ماذا قال؟

 

مقالات – الاحداث نيوز – في مقاله الذي نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، بدا الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وكأنه يوجّه خطاباً مزدوجاً: أحدهما للشعب السوداني والآخر للمجتمع الدولي، في محاولة لإعادة صياغة الرواية الرسمية للحرب الدائرة في السودان. المقال، الذي يُعد الأول من نوعه في صحيفة أمريكية كبرى، يعكس إدراكاً متزايداً لدى قيادة الجيش بأن المعركة لم تعد تُخاض بالسلاح وحده، بل أصبحت معركة سرديات وصورة دولية.

 

حرب وجود أم أزمة سلطة؟:

في مقاله، يصرّ البرهان على أن الحرب ليست مجرد صراع سياسي، بل “معركة وجود” تهدد استقرار السودان والمنطقة بأكملها. هذا الطرح—على الرغم من أنه يعكس حجم الانهيار الذي أصاب الدولة—يبقى مفتوحاً للتأويل: هل نحن فعلاً أمام خطر وجودي يهدد كيان الدولة، أم أن الأزمة الحقيقية تكمن في الصراع على السلطة بين مؤسستين عسكريتين نَمَتا خارج الإطار المدني والسياسي الطبيعي للدولة؟

 

محاولة إعادة تعريف جذور الأزمة:

البرهان يحمّل قوات الدعم السريع مسؤولية اشتعال الحرب، متهماً إياها بالتحوّل إلى “قوة شبه مستقلة” تمتلك منظومة مالية خاصة وتعمل خارج سلطة الدولة. وهو بذلك يحاول تقديم تفسير واحد وواضح لجذور الصراع، رغم أن الواقع أكثر تعقيداً، وأن العلاقة بين الجيش والدعم السريع كانت لعقود جزءاً من معادلة بناء السلطة وليس خروجاً عليها.

 

الهجوم الخارجي… سردية تتكرر:

المزيد من المشاركات

لا يخلو المقال من الإشارة إلى “دعم خارجي” تلقّته قوات الدعم السريع، بما في ذلك أطراف إقليمية وإدارة أمريكية سابقة. هذه الإشارات—المبهمة عمداً—تسعى لتحويل النقاش من صراع داخلي إلى معركة ذات بعد جيوسياسي، بهدف استدرار تعاطف دولي أو على الأقل خلق مساحة رمادية في تفسير مسؤوليات الأطراف.

 

الرسالة الموجهة لواشنطن:

من الواضح أن المقال موجّه بالأساس إلى صانعي القرار في الولايات المتحدة. فالبرهان يتهم الدعم السريع بتهديد أمن البحر الأحمر والساحل وبارتكاب حوادث طالت دبلوماسيين أمريكيين. هذه ليست مجرد اتهامات، بل محاولة لإقناع واشنطن بأن دعم الجيش ليس خياراً سياسياً فحسب، بل ضرورة أمنية لحماية المصالح الأمريكية.

 

إعادة تعريف السلام… وفق شروط الحرب:

في خاتمة مقاله، يطرح البرهان رؤيته للسلام: دعم جهود السلام “الحقيقي” بشرط ألا تعود “الميليشيات” إلى السلطة. وهو بذلك يضع خطاً أحمر واضحاً لأي تسوية سياسية مستقبلية، في وقت لا تزال فيه القوى المدنية مهمّشة، والمسار السياسي غائباً، والدولة نفسها في وضع هش غير مسبوق.

 

خلاصة:

ما كتبه البرهان ليس مقال رأي عادياً، بل بيان سياسي مُغلف بلغة صحفية، يهدف إلى إعادة صياغة موقف الجيش على المسرح الدولي. لكنه يطرح في الوقت ذاته سؤالاً مركزياً: هل يمكن إعادة بناء دولة تلاشت سياسياً واقتصادياً عبر سردية أحادية تُحمّل طرفاً واحداً كامل المسؤولية وتغفل التراكم التاريخي للأخطاء البنيوية؟

 

السودان اليوم بحاجة إلى ما هو أبعد من السرديات—بحاجة إلى مراجعة شجاعة لجذور أزمته، بعيداً عن خطاب السلاح والانتصارات المؤجلة.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.