الاحداث نيوز
عين الحقيقة

واقع مأساوي في زمزم وفضة جابر تروي معاناتها… هل ستنجو الأرواح من الكارثة القادمة؟

عاصفة جديدة تهدد حياة الآلاف في زمزم… هل سيعود التاريخ لينقض؟

متابعات _ الأحداث نيوز

زمزم، 27 ديسمبر 2024

منذ اندلاع حرب دارفور الأولى في عام 2003، تغيرت حياة السيدة فضة جابر (40 عامًا) بشكل جذري. كانت فضة واحدة من ملايين النازحين الذين اضطروا للفرار إلى مخيمات اللجوء، وكان مخيم زمزم جنوب الفاشر هو مأواها الأول. وبينما اعتقدت أن دورة الحروب قد انتهت بعد توقيع اتفاق سلام بين الحكومة السودانية والفصائل المسلحة في أكتوبر 2020، عادت الحرب لتطاردها مرة أخرى بعد اندلاع حرب أبريل 2023، لتجد نفسها مرة أخرى في مرمى النيران.

تتعرض مخيمات النازحين في مناطق دارفور لاعتداءات متواصلة من قبل قوات الدعم السريع، مما دفع فضة وأطفالها ووالدها المسن للهروب يوميًا إلى بلدة “شقرة” المجاورة بحثًا عن الأمان. وقد تعرض مخيم زمزم، الذي يبعد حوالي 12 كم جنوب مدينة الفاشر، في مطلع ديسمبر الجاري، لقصف مدفعي كثيف من قبل قوات الدعم السريع، مما أدى إلى مقتل حوالي 57 نازحًا، بينهم نساء و15 طفلًا وكبار سن.

ورغم الإدانات الداخلية والخارجية لهذه الهجمات، فإن القصف المدفعي لم يتوقف، مما حول حياة النازحين في المخيم إلى جحيم. مع تدمير أكواخهم المصنوعة من القش والحطب، ازداد الوضع سوءًا مع ارتفاع معدلات انعدام الغذاء بشكل مقلق، الأمر الذي فاقم أزمة المجاعة التي أُعلنت في أغسطس 2024.

فضة جابر، التي أطلقت حديثًا مع “سودان تربيون”، قالت: “نغادر منزلنا يوميًا في الساعة الرابعة صباحًا مع أطفالي ووالدي نحو بلدة شقرة في رحلة شاقة على الأقدام والدواب، نقضي ساعات النهار هناك ونعود عند غروب الشمس. نفعل ذلك يوميًا خوفًا من المدافع التي يطلقها علينا الجنجويد”، في إشارة إلى قوات الدعم السريع. وأضافت فضة أن الحياة في زمزم أصبحت أكثر صعوبة، حيث توقفت هي وأعداد كبيرة من النازحين عن العمل في السوق بعد قرار رجال الإدارة الأهلية بوقف العمل حفاظًا على الأرواح.

وفي ظل غياب المساعدات الإنسانية وندرة الغذاء، يعتمد العديد من النازحين على “البليلة”، وهي حبوب الذرة الرفيعة المغلية في الماء مع قليل من الملح وأحيانًا السكر، وتعد هذه الوجبة الخفيفة المصدر الوحيد للبقاء.

نقص الجوع والغذاء في معسكر زمزم

مخاوف من الإبادة الجماعية :تخيّم على مخيم زمزم أجواء من القلق والخوف من تكرار مجزرة جديدة. النازحون يخشون أن تقوم قوات الدعم السريع بما فعلته في الجنينة، حيث تم اتهامها بارتكاب تطهير عرقي وإبادة جماعية. ويعتقد البعض أن الهجوم على المخيم ليس مجرد اعتداء عسكري، بل يأتي في إطار خطة لتفريغ المخيم من سكانه تمهيدًا لاحتلاله والسيطرة عليه.

الفاشر نزوح من معسكر زمزم

وأكد عضو في غرفة القيادة والسيطرة لقوات مشتركة، في تصريح لـ “سودان تربيون”، أن هناك مخططًا لتفريغ مخيم زمزم عبر القصف المدفعي، مع استعدادات للتحرك نحو المدينة الفاشر عبر عدة نقاط محورية في المنطقة.

المزيد من المشاركات

كما كشف المصدر عن حشود ضخمة لقوات الدعم السريع بالقرب من قرى محلية في دار السلام وبلدة أبو زريقة، مما يوحي بأن الهجوم على معسكر زمزم قد يكون وشيكًا. وأشار إلى أن المخيم يمثل نقطة حيوية لتوريد إمدادات الغذاء القادمة من مناطق شرق دارفور وجبل مرة، ما يجعله هدفًا استراتيجيًا للقوات.

اتهامات بارتكاب جرائم تطهير عرقي : في رد على المزاعم التي أطلقتها قوات الدعم السريع، نفى العمدة هارون نمر، عضو اللجنة العليا للمعسكر، أي وجود عسكري داخل المخيم. وقال في تصريح لـ “سودان تربيون” إن سكان زمزم هم نازحون عزل، ولا ينتمون لأي تنظيمات عسكرية أو سياسية، متسائلًا: “لماذا يتم استهدافنا؟”.

من جانب آخر، وصف محمد خميس دودة، المتحدث باسم نازحي معسكر زمزم، القصف المدفعي على المخيم بـ “الفعل الجبان والغادر”، مؤكداً أن الهجوم استهدف منطقة مأهولة بأكثر من مليون ونصف المليون نازح، يعانون من الجوع والمرض في ظل غياب المساعدات الإنسانية. وأضاف دودة أن قوات الدعم السريع أطلقت نحو 37 قذيفة مدفعية سقطت على الأسواق ومراكز الإيواء والمستشفيات.

وأشار دودة إلى أن الهجوم على زمزم يهدف إلى إبادة المجتمعات السكانية المحددة، بما في ذلك الزغاوة، الذين يشكلون الأغلبية داخل المخيم. وقال إن هذا الهجوم يعد جزءًا من محاولات قوات الدعم السريع تطهير المناطق ذات الأغلبية الزغاوية، كما حدث في مناطق أخرى مثل أبوزريقة.

الجوع والبرد يفتكان بالنازحين : داخل مركز “بلولة” في مخيم زمزم، الذي يستضيف الفارين من مدينة الفاشر، تزداد الحاجة إلى مواد الإيواء والغذاء. النازحون في المركز يعانون من الجوع الشديد، حيث يفتقرون إلى أبسط مقومات الحياة. تقول إحدى النازحات: “نعيش في عذاب لا ينتهي. لا نملك قوت يومنا، والبرد والجوع ينهشان أجسادنا. نحن في أمس الحاجة إلى البطانيات والطعام.”

نقص الاكل والجوع لمواطنين معسكر زمزم

تضيف النازحة أنه بعد سقوط أربع قذائف بالقرب من مركز الإيواء، فر أغلب السكان، فيما لم يتمكن القليل منهم من مغادرة المكان بسبب افتقارهم للمال. وتناشد النازحة المجتمع الدولي بالتدخل السريع لتوفير الغذاء والدواء لمئات الجوعى في المخيم.

معسكر زمزم

دعوات للتحرك الدولي :رغم هذه الظروف القاسية، لا يزال الأمل في تدخل المجتمع الدولي قائمًا. يطالب سكان المخيم والمنظمات الإنسانية بضرورة التحرك العاجل لوقف الهجوم على زمزم، وحماية المدنيين من المجازر المحتملة. مع تزايد المخاوف من تكرار المجازر السابقة، يبقى الوضع في مخيم زمزم مقلقًا، مع استمرار القصف المدفعي وتدهور الأوضاع الإنسانية بشكل متسارع.

*منتدى الإعلام السوداني: غرفة التحرير المشتركة*

ينشر هذا التقرير بالتزامن في منصات المؤسسات والمنظمات الإعلامية والصحفية الأعضاء بمنتدى الإعلام السوداني.

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.