إلى الفريق البرهان.. إلى رئيس الوزراء.. أدركوا الولاية الشمالية قبل فوات الأوان
مقالات – الاحداث نيوز – بقلم: عبد الماجد عبد الحميد
بدعوة كريمة من البروفيسور عصمت قرشي، وزير الزراعة والري، زرت الولاية الشمالية لحضور تدشين الموسم الشتوي. كانت الزيارة فرصة نادرة لمعايشة واقع الحياة وهموم الناس في الولاية الشمالية التي يعاني إنسانها النبيل جملة تحديات يأخذ بعضها برقاب بعض.
سعدت حقًا بالتعرف عن قرب على طريقة التفكير التي ينظر بها وزير الزراعة لمهمته الحالية. البروفيسور عصمت لديه قناعة راسخة بأن الحرب الحالية التي تتولى كِبرها ووزرها مليشيات الجنجويد وعصابة أبولولو تقودها جهات دولية هدفها تفكيك الدولة السودانية. ومما يراه الوزير البروفيسور عصمت أن أهم ملفات تفكيك الدولة السودانية هي تعطيل قاطرة الثورة الزراعية عبر تكسير المشاريع والتجارب الزراعية الناجحة.
كانت خلاصة هذه الرؤية هي أحاديث البروفيسور عصمت في جولته بالولاية الشمالية، وهي جولة سنعود لها تفصيلاً لأهميتها.
عقب نهاية برنامج رحلتنا مع الأخ وزير الزراعة، استأذنته في البقاء لأيام في مدينة مروي لزيارة أحباب وأصحاب جمعتنا بهم رحلة سنوات من المحبة والمودة والإخاء، وباعدت بيننا مشاغل الحياة وعراكها الذي لا ينتهي. كنت حريصًا على البقاء بعيدًا عن طقس الصحافة وأسئلة الناس عن الراهن السياسي، لكنني فوجئت بقضية لا تحتمل التأجيل ولا التأخير، قضية تحتاج إلى تدخل عاجل من الفريق البرهان رئيس مجلس السيادة والبروفيسور كامل إدريس رئيس مجلس الوزراء.
بتاريخ 26 أغسطس 2025، بعث والي الولاية الشمالية الفريق الركن عبدالرحمن عبدالحميد إبراهيم، والي الولاية الشمالية المكلّف، خطابًا إلى فخامة السيد رئيس مجلس السيادة القائد العام بخصوص أيلولة المشاريع المصاحبة لقيام سد مروي للولاية الشمالية. وفي خطابه لرئيس مجلس السيادة، أوضح الوالي المكلّف أن الخطاب يأتي على خلفية لقاء سابق له مع القائد العام في خواتيم شهر أبريل من العام الحالي، وأن المشاريع التي يريد الوالي أن تؤول إلى الولاية الشمالية هي:
مشروع الحامداب الزراعي، مشروع أمري الزراعي، مدينة مروي الطبية، المخازن المبردة بمروي، ومباني هيئة تطوير الزراعة بتنقاسي.
المدهش في خطاب الوالي أن هذه المشاريع تعاني الإهمال، ومساهمتها في الناتج القومي ضعيفة بسبب عدم دخولها في خطط الولاية الإنتاجية والتطويرية. وأضاف الوالي أن هذه المشاريع سيكون لها أثر كبير في مسيرة التنمية إن تمت أيلولتها للولاية، مشيرًا إلى أن الولاية تستهدف هذا العام زراعة مليون فدان!
والغريب في أمر والي الولاية الشمالية، الذي كان غائبًا عن ولايته أثناء زيارة وزير الزراعة (سافر إلى القاهرة لحضور ملتقى للاستثمار مع رجال أعمال مصريين)، أن ولايته لا تملك حتى لحظة كتابة هذه السطور أي خطة لكيفية تمويل زراعة المليون فدان التي أشار إليها في خطابه لرئيس مجلس السيادة. والمحزن حقًا أن الموسم الزراعي في العام الماضي شهد فشلًا ذريعًا لأسباب لا يُسأل عنها الوالي الحالي.
المدهش مرة أخرى أن الفريق الركن محمد الغالي، الأمين العام لمجلس السيادة، بعث بخطاب إلى السيدة وزير شؤون مجلس الوزراء، يفيد فيه بإحالة خطاب والي الولاية الشمالية وتوجيه رئيس مجلس السيادة للبحث عن جدوى وفائدة المشروعات المذكورة للولاية الشمالية!
هناك جانب آخر من الصورة يحتاج إلى تدقيق من السيد رئيس مجلس السيادة من جهة، ورئيس الوزراء من جهة أخرى. التدقيق المطلوب هو أن يتم تشكيل لجنة محايدة من المركز لزيارة الولاية الشمالية وولاية نهر النيل للوقوف ميدانيًا على حقيقة الموقف، قبل أن يتم التقرير في طلب والي الولاية الشمالية عبر الدورة المستندية والخطابات الباردة، التي يمكن أن تتحول إلى قرارات ستكون نتائجها كارثية على الولاية الشمالية.
أقول وبالصوت العالي: هناك جهات (سنكشفها تباعًا) لديها مصلحة مباشرة في تفكيك المشاريع الناجحة لهيئة تطوير الزراعة بالشمالية ونهر النيل. وهي ذات الجهات التي ساهمت وتساهم منذ سنوات في إضعاف الهيئة وتكسيرها وخنقها وقتل مبادراتها العملية في تطوير الزراعة بالولايتين.
هل هي مصادفة أن يتزامن خطاب والي الولاية الشمالية إلى رئيس مجلس السيادة وتحويله بهذه السرعة إلى مجلس الوزراء؟
وهل هي مصادفة أن تتزامن هذه المخاطبة مع خطاب آخر من الأمين العام لمجلس الوزراء بتاريخ 20 سبتمبر 2025، حول طلب من الوالي نفسه بنقل ملكية وتبعية مشروع دواجن النيل — أحد أنجح المشاريع ليس في الولاية الشمالية فقط وإنما في السودان كله — لشراكة بين الولاية الشمالية بنسبة 40%، ومنظومة الصناعات الدفاعية بنسبة 40%، والمؤسسة التعاونية الوطنية بنسبة 20%؟
والأغرب في الخطاب توجيهٌ بأن يتم خصم قيمة نسبة منظومة الصناعات الدفاعية (40%) من مديونيتها لدى وزارة المالية!
السؤال الذي يفرض نفسه: أين نصيب ولاية نهر النيل من قسمة تركة دواجن النيل التي لديها مشروعات ناجحة في الولاية؟
وسؤال آخر: كيف ستقوم الولاية الشمالية بإدارة حصتها البالغة 40% من مشروع ناجح، وهي تعجز عن إدارة مشاريع عديدة تقع تحت ولايتها الكاملة؟
أيها الناس، نحن أمام مؤامرة صامتة تتم تحت وقع الأزمات الطاحنة التي تعيشها بلادنا. ومحزن حقًا أن يستغل بعض النافذين الظروف الضاغطة التي يعيشها رئيس مجلس السيادة لتمرير قرارات ظاهرها المصلحة العامة وباطنها خطط ماكرة للاستيلاء على مشاريع وتجارب ناجحة بذرائع لم تُناقَش بعد بصدق وأمانة من أجل المصلحة العامة.
إلى رئيس مجلس السيادة…
إلى رئيس مجلس الوزراء…
لا تسمحوا بتمرير مؤامرة تدمير المشاريع الناجحة بالولاية الشمالية.
ولنا عودة بالصوت والصورة…
نصرٌ من الله وفتحٌ قريب.
