الاحداث نيوز
عين الحقيقة

رشان أوشي تتحدث بجرأة عن حكومة كامل إدريس …ماذا قالت؟

رشان أوشي تتحدث بجرأة عن حكومة كامل إدريس …ماذا قالت؟

 

مقالات – الاحداث نيوز – حكومة د. كامل إدريس ..والرهانات الضائعة

بقلم: رشان أوشي – صحفية سودانية

كان أمل السودانيين معقودًا على أن تقود حكومة الدكتور كامل إدريس مرحلة جديدة تُنهي سنوات من الفشل والشلل، وأن تُحدث قطيعة حقيقية مع أوضاع مأزومة ومفرطة القسوة امتدت لأكثر من عامين. لم يكن الناس يتوقعون معجزات، لكنهم أرادوا على الأقل بداية مختلفة، تقف فيها الدولة على قدميها، وتبدأ في صناعة أدوار جديدة، وتحجيم أخرى قديمة كرست للفساد والانهيار.

 

لكن الواقع سرعان ما صفع الأحلام، لتصبح حكومة “إدريس” واحدة من أكثر التجارب الهشة، تعبيرًا عن أزمة الحكم المتواصلة في السودان. أزمة لا تتعلق بالأشخاص فقط، بل بالبنية المختلة نفسها: محاصصة سياسية عقيمة، سطوة سلاح يطغى على سلطة الدولة، وانعدام الحد الأدنى من التوافق الوطني.

 

نحن لا نعيش فقط أزمة حكومة، بل دوامة متواصلة من الانسداد السياسي والاقتصادي والاجتماعي. ومع أن الدكتور كامل إدريس جاء مدفوعًا بنوايا إصلاحية، متطلعًا لتشكيل حكومة كفاءات تكنوقراطية، إلا أن الواقع السياسي والعسكري سرعان ما ابتلع هذه الرؤية. التوازنات المفروضة على المشهد حالت دون أي محاولة جادة للإصلاح أو إعادة البناء.

 

المزيد من المشاركات

الأزمة الاقتصادية بدورها لا تحتاج إلى شرح مطول. لا توجد خطة واقعية لإنعاش الاقتصاد أو معالجة التضخم أو وقف تدهور الجنيه. الاعتماد على الجبايات بات هو الأساس، في ظل غياب كامل للدعم الإنتاجي أو وضع سياسات نقدية متزنة. حكومة إدريس لم تطرح أي رؤية متكاملة للنهوض، بل بدا أنها تسير على خُطى الحكومات السابقة، بلا أثر ملموس.

 

الأسوأ من ذلك هو تكرار الأخطاء ذاتها، وعلى رأسها الاعتماد على لجان “المنظراتية” التي تمضي وقتها في اجتماعات بلا نتائج، متجاهلة جذور الأزمة الحقيقية. لا يمكن أن يُعالج انهيار الاقتصاد في ظل سيطرة مجموعة صغيرة من المستوردين على سوق السلع الاستراتيجية، والذين يتلاعبون بالأسعار وسوق العملات، ويشترون الدولار بكميات ضخمة من السوق الأسود، ما يخلق طلبًا مفتعلًا وارتفاعًا جنونيًا في الأسعار.

 

تلك الممارسات، في ظل غياب الرقابة وضعف القبضة الحكومية، لا تهدد الاقتصاد فقط، بل تُحوّله إلى ساحة لنهب منظم، حيث تعقد اتفاقيات غير معلنة بين كبار المستوردين لتقسيم السوق وضبط الأسعار بما يخدم مصالحهم على حساب معاناة المواطنين.

 

لم تكن الصدمة الاقتصادية وحدها، بل زادت الأمور تعقيدًا مع استقالة وزيرين خلال أقل من أربعة أشهر على تشكيل الحكومة: وزير الصحة ووزير الدولة بالخارجية. إلى جانب التدخلات غير الرسمية من شخصيات خارج الدولة في تعيين الوزراء وترشيحهم، ما أضعف صورة الحكومة وأثار شكوكًا حول استقلاليتها.

 

لقد خذلت الحكومة التوقعات، وباتت صورتها مهزوزة أمام الشارع. صحيح أن كامل إدريس ليس وحده مسؤولاً عن هذا الانهيار، لكن وجوده على رأس حكومة لم تُمنح فرصة كاملة، ولم تُحسن استخدام ما أتيح لها من أدوات، جعله في قلب العاصفة.

 

الرهانات كانت كبيرة، والأمل كان مشروعًا. لكن للأسف، الضياع كان أسرع من البناء.

 

مع خالص محبتي واحترامي.

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.