اعترافات نارية من مستشار حميدتي الخاص سابقاً
متابعات – الاحداث نيوز – نقلاً عن صحيفة (ألوان): أول حوار صحفي مع اللواء نور الدين عبد الوهاب أحمد علي، المستشار الخاص السابق لقائد الدعم السريع حميدتي
تمكن فريق صحيفة (ألوان) من إجراء أول لقاء صحفي مع اللواء نور الدين عبد الوهاب أحمد علي، ابن منطقة قري، المستشار الخاص السابق لقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي”. نور الدين، وهو خبير في مكافحة التجسس يتبع لجهاز الأمن والمخابرات، تم انتدابه للعمل في الدعم السريع وكان يعتبر الرجل الثالث في التراتبية العسكرية بعد عبد الرحيم دقلو وأخيه حميدتي.
كان اللقاء في مكة المكرمة بعد وصوله إليها معتمراً عقب خروجه من معتقلات الدعم السريع، حيث كشف في حواره تفاصيل لأول مرة عن خبايا وأسرار الدعم السريع وقيادته.
يقول نور الدين إنه بدأ مسيرته كملحق في قنصلية جدة عام 2013، ثم عاد إلى السودان، وبسبب تخصصه في مكافحة التجسس بالعمل القبلي والجهوي تم انتدابه للدعم السريع، التي كانت تعرف سابقاً باسم قوات حرس الحدود، وكان حميدتي مسؤولا عنها برتبة عريف، وأخوه عبد الرحيم برتبة جندي. وبعد التكوين، تمت ترقيتهم بشكل سريع، إذ أصبح حميدتي عميداً، وعبد الرحيم عقيداً، وهو ما خلق خللاً في تكوين هذه القوات ودفع الوطن فاتورة باهظة.
وعن سبب قبوله العمل في هذا الوضع قال: “كنا نأمل أن نصحح الأخطاء من الداخل لكي لا تتحول إلى كارثة، وقد استجابت القيادة لبعض مطالبنا بإنتداب كوادر مؤهلة من القوات النظامية الأخرى، لكن الدمج كان خطأً فادحاً”.
تولى نور الدين مسؤولية دائرة التوجيه والخدمات والإعلام، وكان مستشاراً أول لقائد القوات، وبدأ في تقليل التجنيد القبلي والجهوي في دارفور، مع العمل على جعل القوات قومية، وجند من جبال النوبة والنيل الأزرق والقضارف وكسلا، لضبط الانضباط بعد أن كانت القوات في بدايتها غير منظمة.
تحدث عن العلاقة بين الرئيس السابق عمر البشير وحميدتي، وقال إن العلاقة بدأت بعد تكوين الدعم السريع في 2013، حيث لم يكن هناك أي علاقة قبل ذلك، واصفاً الترقيات السريعة التي حصل عليها حميدتي بأنها مخالفة للقوانين، ورجح أن ذلك كان استثناءً مستمراً خلافاً للتجارب السابقة في القوات الوطنية.
وعن تدخل أياد خارجية قال: “أي شخصية مؤثرة عرضة للتجنيد من أجهزة مخابرات أجنبية، وهذا ما حدث مع حميدتي، حيث تم تجنيده لصالح دولة أجنبية معروفة قبل وبعد سقوط النظام”.
يؤكد نور الدين أن حميدتي لم يكن مشاركاً في “الخيانة” التي حدثت يوم 19 سبتمبر 2019، وكان برفقته في منطقة الزرق غرب حين تلقى اتصالاً من البشير يحذره من خيانة. لكنه أوضح أن اللجنة الأمنية التي تلا بيانها الأول كانت هي التي سيطرت على الأمور، وأن حميدتي لم يكن على علم بالتغيير السريع آنذاك.
وحول سبب انقلاب اللجنة الأمنية على البشير، يرى نور الدين أن اللجنة أخطأت في تقديرها، فبدلاً من امتصاص الغضب الشعبي، دمرت الدولة، موضحاً أن تدخلات دولية ومخابرات أجنبية سهلت التغيير السريع.
كشف عن بداية الخلاف بينه وبين حميدتي بعد اجتماعه بضباط إماراتيين للتخطيط لإرسال قوات إلى ليبيا، معترضاً على ذلك بشدة كونه عمل سيادي يجب أن يكون موافقاً عليه من رئيس مجلس السيادة.
أما عن التغير الذي طرأ على حميدتي بعد 25 أكتوبر، قال إن الأخير كان الممول الرئيسي والمخطط للانقلاب، لكنه تعرض لضغوط من جهات خارجية أدت إلى تحوله نحو الأحزاب اليسارية المتطرفة، وهو ما دفعه إلى توجيه اعتذار غير معتاد وتغيير مواقفه.
قدم نور الدين استقالته من الدعم السريع قبل الحرب بشهور بعد ملاحظة تغييرات في تصرفات حميدتي، وخاصة لقاءاته المتكررة مع قيادات تيارات يسارية متطرفة، محذراً إياه من الانحياز لطرف ضد آخر.
يروي كيف أن حميدتي تجاهل نصائحه وأغلق الأبواب في وجهه، مما أدى إلى فتور العلاقة بينهما، ثم تم اعتقاله بشكل مفاجئ في منزله بمنطقة قري بعد أشهر من اندلاع الحرب، بدعوى انضمامه لقوات الجيش وتنفيذ خطط عسكرية ضد الدعم السريع، وهو ما ينفيه بشدة ويعتبر اعتقاله سياسياً بحتاً.
يصف فترة اعتقاله القاسية في معتقلات الدعم السريع، حيث تعرض لتعذيب نفسي وجسدي، وكان محاطاً بقوات أجنبية معظمها من التشاديين والليبيين، لكنه لم يفقد الأمل بفضل تعاطف بعض الجنود السودانيين السابقين.
يروي تفاصيل خروجه من المعتقل بعد حكم الإعدام الذي صدر بحقه، وكيف تم تحرير المعتقلين بمعجزة بعد اقتحام الجيش للمصفاة وفرار الجنجويد.
في نهاية الحوار، يؤكد أن قوات الدعم السريع تضررت بشدة في الحرب الأخيرة، وأن معظم القوة القتالية قد هلكت، كما يشير إلى أن حميدتي اختفى عن الأنظار بعد بداية الحرب، وربما يكون معاقاً أو محتمياً في مناطق معزولة، مما يعني نهاية نفوذه العسكري والسياسي.

التعليقات مغلقة.