الاحداث نيوز
عين الحقيقة

950 ميغاواط إضافية للكهرباء في السودان

950 ميغاواط إضافية للشبكة القومية.. خطوة نحو استعادة السيادة الطاقية في السودان

منوعات – الاحداث نيوز – وجه الحقيقة / إبراهيم شقلاوي

تُعد مشروعات البنية التحتية، وخصوصًا في قطاع الطاقة، مؤشراً حيوياً على قدرة الدولة في استعادة وظائفها الأساسية وترسيخ مفهوم السيادة الوطنية، لا سيما في سياقات ما بعد الحرب أو خلال مراحل الانتقال السياسي. وفي السودان، تُعد الكهرباء ركيزة أساسية في إعادة بناء الدولة، وعمودًا استراتيجيًا للاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

 

في هذا السياق، يُمثل توقيع عقد استئناف العمل بمحطة كهرباء “كلاناييب” في إسطنبول أول أمس خطوة مهمة، ليست فقط لكونها إعادة إحياء مشروع متعثر منذ سنوات، بل لما تحمله من دلالات سياسية وإدارية في توقيت حساس يعيشه السودان، مع تصاعد التحديات الأمنية وتراجع أداء المؤسسات الحكومية وضعف ثقة المواطنين.

 

يرجع أصل المشروع إلى اتفاق عام 2016 بين الحكومة السودانية وشركة “سيمنز” الألمانية لإنشاء محطتي “قري” و”كلاناييب” بقدرة إجمالية تبلغ 950 ميغاواط. رغم تأخر التنفيذ بسبب المتغيرات السياسية، فإن توقيع العقد الجديد تحت إشراف وزير الطاقة السابق، الدكتور محيي الدين النعيم، يعيد المشروع إلى سلم الأولويات التنموية، ويشكل مؤشرًا إيجابيًا على قدرة الدولة على إعادة تنشيط المشروعات الكبرى عند توافر القيادة الفنية والتمويل والإرادة السياسية.

 

اليوم، باتت مشروعات الطاقة أداة سيادية وقياسًا لمدى التزام السلطة تجاه المواطنين، حيث تحولت الكهرباء إلى خدمة يومية حيوية وركيزة لنجاح أي خطة تنموية.

 

زيارة رئيس الوزراء، الدكتور كامل إدريس، لمحطة “كلاناييب” تعكس الوعي الحكومي بأهمية ربط الملفات السياسية بالتنموية، واعتماد البنية التحتية كنقطة ارتكاز لإعادة بناء الثقة وتعزيز الشرعية التنفيذية.

 

اختيار محطة “كلاناييب” في بورتسودان، إلى جانب محطة “قري” في الخرطوم، يبرز أهمية التوزيع الجغرافي العادل لمصادر الطاقة بين المركز والولايات، حيث تدعم محطة “قري” الصناعات التحويلية ومصفاة الخرطوم، بينما تعزز “كلاناييب” قدرات الموانئ والصناعات البحرية، وتسهم في إنتاج المياه النقية، ما يعزز من الأمن المائي ويخفف أزمة العطش في البحر الأحمر، ما يجعلها محورًا لتحقيق التوازن الإقليمي والاندماج الوطني.

 

تأتي هذه المشاريع ضمن رؤية وزارة الموارد المائية والكهرباء التي أعلنت عام 2015 عن هدف رفع القدرة المركبة إلى 6500 ميغاواط بحلول عام 2030، من خلال التوسع في المحطات الحرارية، والانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة. لكن غياب الاستقرار السياسي أوقف تنفيذ هذه الرؤية، ما أثار تساؤلات حول قدرة الدولة على الالتزام بخططها الاستراتيجية.

 

محطة “كلاناييب” تمثل اليوم نموذجًا يدمج بين أمن الطاقة والأمن المائي، مما يفتح آفاقًا لتكرار التجربة في ولايات أخرى تعاني من ضعف الخدمات.

لمتابعة اخبارنا عبر واتساب اضغط هنا

لا شك أن توقيع العقد أحدث تفاؤلًا شعبيًا، إذ يُتوقع أن يساهم في تحسين حياة المواطنين، ولا يمكن تجاهل الدور المحوري الذي قام به وزير الطاقة السابق، الدكتور محيي الدين النعيم، في إعادة تنشيط المشروع رغم التحديات الكبيرة.

 

يمتاز النعيم بكفاءته وخبرته الطويلة في مجالات الطاقة والإدارة، ويُعتبر خيارًا متميزًا لتعزيز الاستقرار الفني والإداري في الوزارة، خاصة مع توقع إعادة تعيينه ضمن الحكومة الجديدة، مما قد يحول الرؤية إلى واقع ملموس.

 

السؤال الجوهري الذي يفرض نفسه اليوم: هل تمتلك الحكومة السودانية، في ظل التحديات السياسية والاقتصادية الراهنة، الإرادة والقدرة المؤسسية اللازمة لتحويل هذه الرؤية والعقد إلى واقع تنفيذي قادر على ضخ 950 ميغاواط إضافية إلى الشبكة القومية؟

 

يبقى الأمل معلقًا على قدرة الدولة على استعادة سيطرتها على قطاع الطاقة، الذي طالما عانى من آثار التمرد والتدخلات المسلحة، ليُعيد بذلك بث الحياة في الاقتصاد ويحسن ظروف المواطنين.

 

دمتم بخير وعافية.

الثلاثاء 1 يوليو 2025م

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.