الاحداث نيوز
عين الحقيقة

حرب الظل في السودان: الإمارات تشعل الصراع وتحرج الجامعة العربية

منوعات _ الأحداث نيوز _ وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي

حرب الظل .. تُحرج الجامعة العربية.

استفاق السودان أمس على تصعيد غير مسبوق، حيث تعرضت مدينة بورتسودان لهجوم بطائرات مسيّرة استهدفت قاعدة عثمان دقنة الجوية ومرافق مدنية، في هجوم وصفه المراقبون بأنه الأخطر منذ تحول المدينة إلى العاصمة المؤقتة للدولة. البيان الرسمي الصادر عن الحكومة السودانية، والذي ألقاه وزير الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة خالد الإعيسر، حمل لهجة غير مسبوقة من الوضوح، جاء فيه:

“تعرضت مدينة بورتسودان صباح اليوم لهجوم غادر شنّته ميليشيا الدعم السريع الإجرامية، بمساندة داعميها. استخدمت في الهجوم سبع طائرات مسيّرة انتحارية، غطت هجومًا نفذته طائرة استراتيجية على قاعدة عثمان دقنة الجوية، مما أسفر عن أضرار مادية دون خسائر في الأرواح. إن هذا الاعتداء يؤكد، بما لا يدع مجالاً للشك، أن هذه الحرب ليست مجرد تمرد من ميليشيا الدعم السريع، بل هي عدوان مكتمل الأركان تُديره وتدعمه دولة الإمارات العربية المتحدة… تُدار من غرف تحكم في أبوظبي، بما يشكّل تهديدًا للأمن الوطني وخطرًا على الأمن الإقليمي والدولي.”

هذا التصريح يضع العلاقات السودانية–الإماراتية أمام مفترق طرق، ويُبرز بوضوح أن السودان لا يرى هذا الصراع كمسألة محلية، بل امتدادًا لصراع إقليمي يهدد سيادة الدولة وقرارها الوطني.

ما يعزز هذه الاتهامات هي التقارير الموثوقة التي كشفت عن دعم الإمارات لقوات الدعم السريع، حيث أشار تقرير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة في أبريل 2025 إلى وصول قذائف هاون بلغارية إلى هذه القوات، رغم أن الشحنة كانت موجهة في الأصل إلى الإمارات. كما قدم السودان في أكتوبر 2024 أدلة لمجلس الأمن تُثبت تزويد أبوظبي للميليشيا بمعدات عسكرية ودعم طبي، فضلاً عن توثيق صور لأقمار صناعية تُظهر هبوط طائرات شحن إماراتية في تشاد، مما يعزز الشكوك حول نقل أسلحة. وأكدت “هيومن رايتس ووتش” في 14 سبتمبر 2024 استخدام الدعم السريع لذخائر وصواريخ صربية مصدرها الإمارات، ودعت إلى حظر شامل على تصدير السلاح إلى السودان.

ورغم هذا الكم من الأدلة، لم يطلب السودان حتى الآن جلسة طارئة لمجلس جامعة الدول العربية، وهي خطوة ملحّة في ظل وضوح العدوان. ويبدو أن التردد ناتج عن وجود تيارات داخل الدولة السودانية ما تزال تُراهن على الإبقاء على العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات، رغم الواقع الميداني.

إقليميًا، أصدرت وزارة الخارجية السعودية بيانًا أدانت فيه بشدة استهداف المرافق الحيوية في بورتسودان وكسلا. ورغم أن البيان لم يُسمِّ الفاعل، إلا أنه أكد على ضرورة احترام سيادة السودان ووقف القتال فورًا. كما أصدرت وزارة الخارجية القطرية بيانًا وصفت فيه الاستهداف بأنه منافٍ للقانون والأعراف الدولية ومهدد لأمن المنطقة. هذا البيان، إلى جانب مواقف مماثلة من دول أخرى، يجب أن يُستثمر لبناء موقف عربي موحَّد داعم للتحرك السوداني.

على الصعيد الأمني، يفتح الهجوم على بورتسودان الباب أمام الحاجة لإعادة هيكلة منظومة الدفاع الجوي، وتفكيك شبكات الخلايا النائمة، وتفعيل قوانين الطوارئ لضمان تأمين الداخل، في وقت تمثل فيه بورتسودان الرئة التي تتنفس منها الدولة مع العالم الخارجي. ويجب على السودان أن يتحرك بعيدًا عن الرد الفعلي ويعتمد استراتيجيات وقائية تُسهم في الحد من الأضرار المستقبلية.

لا شك أن الحرب قد تحولت من مجرد صراع داخلي إلى مواجهة إقليمية مفتوحة، تُنفذ فيها أطراف إقليمية عمليات عسكرية نيابة عن بعضها البعض. هذه “حرب الظل بالوكالة” تُستخدم فيها ميليشيا الدعم السريع كأداة لتحقيق أجندات إقليمية، مما يُعقّد المشهد العسكري ويمد أمد الحرب.

اللحظة الراهنة تتطلب تحركًا فوريًا، حيث لا يمكن اختزال هذا النزاع في تمرد داخلي. من الضروري تفعيل كل أدوات الرد السياسي والدبلوماسي، من خلال بناء تحالفات دفاعية مع الدول الصديقة، في ظل الوضع الأمني المضطرب.

للانضمام لقرووب واتساب اضغط هنا

هذا، وبحسب ما نراه من #وجه_الحقيقة، فإن السودان يُواجه حربًا بالوكالة تُدار من عواصم بعيدة، تستهدف وحدة البلاد ومواردها ومستقبلها. آن الأوان أن تتحرك الدولة بكل قوتها للدفاع عن سيادتها، وألّا تترك مصير الحرب والدبلوماسية للصدفة أو الحسابات الخاسرة.

دمتم بخير وعافية.
الإثنين 5 مايو 2025م

 

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.