منوعات _ الأحداث نيوز _ إبراهيم شقلاوي | وجه الحقيقة
المصباح يثير جدلاً
في ظل التحولات الجذرية التي يشهدها السودان منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023، ظهرت حقائق باتت تفرض نفسها بقوة. أول هذه الحقائق أن السيادة الوطنية لا تُحافظ عليها بالكلام فقط، بل تُبنى على أساس الاستعداد الاستراتيجي، والوعي الجماعي الذي يدرك أن الأوطان لا تحميها الجيوش وحدها، بل يتطلب الأمر أيضًا تضافر جهود شعوبها.
تغريدة قائد “فيلق البراء بن مالك” التي أعلن فيها عن استعداده لتجهيز نصف مليون شاب كقوة احتياط تحت إمرة القوات المسلحة والمؤسسات الحكومية، تعكس هذا المفهوم الجديد. هذه ليست دعوة للتجنيد الموازي، بل تصوّر استراتيجي لقوة دعم مدنية جاهزة دون أن تثقل كاهل الدولة، لتكون امتدادًا شعبيًا للجيش، تدعمه وقت الحاجة.
عندما يتم طرح فكرة إعداد نصف مليون شاب متدرب على حمل السلاح، فالمقصود ليس التصدي العسكري فحسب، بل بناء جيل جديد مدرك لواجباته الوطنية وقادر على حماية السيادة في وقت تتعرض فيه الدول للتفكيك من الداخل. ليس عبر الجيوش فقط، ولكن عبر استهداف الوعي، الاقتصاد، ومؤسسات الدولة.
هذه الحرب، كما وصفها المصباح طلحة، هي حرب وجود، لا حرب حدود أو سلطة. إنها مواجهة ضد مشروع يسعى لتفكيك الدولة لصالح مشروع استعماري يُدار بأدوات محلية وإقليمية. في هذا السياق، يتجاوز التأثير الإقليمي الدعم الإنساني إلى محاولة تغيير مسار الصراع من خلال دعم مجموعات مثل الدعم السريع وتصدير خطاب سلام زائف.
المطلوب ليس فقط دعم القوات المسلحة وزيادة إمكاناتها، بل بناء منظومة رديفة من الشباب المدربين، المؤمنين بدورهم في الحفاظ على السيادة. نعلم جميعًا أن لا نصر يتحقق بدون استعداد، ولا سيادة بدون شباب يحملون السلاح والوعي معًا.
لقد أظهرت هذه الحرب أهمية التحول من الانتظار إلى الفعل، وجعل الشباب في طليعة المشهد السوداني من خلال القيادة والتكاتف.
من بين النماذج الإقليمية الملهمة، يمكن للسودان أن يستفيد من تجربة رواندا في إعادة البناء بعد عام 1994، عبر استثمار موارد شبابه في التعليم والمشاركة السياسية والريادة التقنية.
إن الرهان لا ينبغي أن يكون على الدولة وحدها، بل على الشراكة المجتمعية التي تشمل المؤسسات التعليمية، المنظمات المدنية، والقطاع الخاص. الوحدة التشاركية هي المفتاح لتحويل آلام الحرب إلى طاقة بناء.
التغريدة التي نشرها قائد “فيلق البراء”، والتي تم نقلها عبر منصة “نبأ السودان”، تضمنت رؤية استراتيجية جديدة، حيث كتب: “استراتيجيتنا هي إعداد نصف مليون مجاهد كقوة احتياط ضاربة تحت قيادة القوات المسلحة والمؤسسات الحكومية، دون تحميل الدولة أعباء إدارية.” هذه رؤية وطنية تهدف إلى الاستعداد الشعبي داخل مؤسسة الدولة.
للانضمام لقرووب واتساب اضغط هنا
الردود على هذه التغريدة كانت كبيرة، وطالبت بزيادة العدد أكثر من ذلك، وهو ما يعكس الوعي المتزايد لدى الشعب السوداني بأن هذه الحرب ليست مجرد مواجهة عسكرية، بل محاولة لتفكيك الدولة من الداخل تحت أجندات خارجية.
إن النصر الحقيقي يبدأ من الوعي والتنظيم والإرادة. إذا لم يتحول السودان إلى دولة ذات مشروع وطني موحد يبني السلام من الداخل ويحمي قرارها بوعي شبابها، فستبقى السيادة حلمًا مؤجلًا.
كما قال الفيلسوف جان جاك روسو: “الشعوب لا تفقد حريتها دفعة واحدة، بل عندما تتخلى عن حقها في أن تقرر”. بناءً على ذلك، لا يكتمل أي مشروع وطني في الفنون أو السياسة إلا بتجذير هذا الوعي وتحويله إلى فعل يومي.
دمتم بخير وعافية.
الخميس 24 أبريل 2025 م