تغيير العملة في السودان: هل يكون الحل لأزمة السيولة أم تعقيدًا للأوضاع
تغيير العملة في السودان: خطوة لمعالجة أزمة السيولة أم تحدي في ظل الظروف الحالية؟
متابعات _ الأحداث نيوز _ في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها السودان، جاء قرار بنك السودان المركزي بتغيير العملة المحلية، بإصدار فئتين جديدتين من العملة (500 و1000 جنيه)، كخطوة تهدف إلى معالجة أزمة السيولة النقدية التي يعاني منها المواطنون. هذا القرار، الذي تم الإعلان عنه في منتصف نوفمبر الماضي، يأتي في وقت حساس وسط استمرار النزاعات وتدهور الأوضاع الأمنية في البلاد.
وأوضح البنك أن الهدف من طرح الفئات الجديدة هو مواجهة تداول نحو 90% من الكتلة النقدية خارج النظام المصرفي، وهو ما تفاقم نتيجة ضعف الثقة في البنوك وانهيار النظام المالي في العديد من المناطق. لكن هذا الإعلان قوبل بانتقادات من قوات الدعم السريع التي اعتبرت الخطوة جزءًا من خطة لتقسيم السودان، مما يزيد من تعقيد الوضع السياسي والاقتصادي.
تباين الآراء بين المواطنين
أظهر استطلاع للرأي أجرته إذاعة دبنقا تباينًا في آراء المواطنين حول القرار. فبعضهم يرى أن تغيير العملة قد يساهم في تخفيف الأزمة الاقتصادية واستعادة الاستقرار للنظام المصرفي، في حين يعتقد آخرون أن التوقيت غير مناسب، خاصة في ظل استمرار النزاع المسلح، مما قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع.
تحديات لوجستية وأمنية
يعتبر عمر أبو أحمد، الخبير الاقتصادي، أن تبديل العملة في ظل الظروف الراهنة يعد تحديًا كبيرًا، حيث يواجه السودان صعوبة في توصيل العملة الجديدة إلى جميع مناطق البلاد بشكل متزامن. بالإضافة إلى ضرورة تأمين الحماية للعملة خلال عمليات الطباعة والتوزيع، وهو ما يتطلب توفير بيئة مستقرة لضمان نجاح هذه الخطوة. ويشدد أبو أحمد على أن الوقت الحالي غير مناسب لتنفيذ هذا التغيير، وأن الأولوية يجب أن تكون لوقف النزاع وتوفير بيئة آمنة لإتمام هذه العملية بنجاح.
تأثير محتمل على أزمة السيولة
من ناحية أخرى، يرى شمس الدين، موظف في ولاية النيل الأبيض، أن تغيير العملة قد يساعد في معالجة أزمة نقص السيولة النقدية التي أثقلت كاهل المواطنين. ويشير إلى أن الحرب تسببت في تدمير القطاع المصرفي، مما أدى إلى تراجع توفر النقود في الأسواق، وزيادة الاعتماد على السوق السوداء بأسعار مرتفعة. كما يعتقد أن هذا القرار قد يوفر السيولة للبنوك ويخفف من معاناة المواطنين من خلال تسهيل عمليات سحب الأموال دون الحاجة للسوق السوداء.
انعكاسات على السوق والتجارة
أما حمزة رابح، أحد التجار، فيرى أن تغيير العملة وتوفير السيولة في البنوك قد يسهم في تقليل الفجوة بين أسعار البيع نقدًا والأسعار المعتمدة من البنوك، مما سينعكس إيجابًا على النشاط التجاري. ومع ذلك، يعرب عن قلقه من احتمالية حدوث مضاربات واسعة بعد الإعلان عن تغيير العملة، مما قد يؤدي إلى تقلبات جديدة في السوق.
الغياب الواضح للتنظيم في بعض المناطق
في مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان، يعاني المواطنون من نقص حاد في السيولة النقدية، ويشير عبدالرحمن يوسف، أحد سكان المدينة، إلى السلطات المحلية لم تتخذ أي إجراءات لتغيير العملة أو لتوعية المواطنين بشأن العملية المرتقبة. يوضح يوسف أن هذا النقص في السيولة دفع المواطنين لدفع عمولات تصل إلى 15% للحصول على النقد، مما زاد من الأعباء الاقتصادية عليهم. وأكد أن الحركة التجارية في المدينة تأثرت بشدة بسبب هذا النقص، مما يفاقم من المعاناة اليومية للسكان.
وفي الختام، رغم التوقعات الإيجابية التي يحملها بعض المواطنين حول تغيير العملة في معالجة أزمة السيولة، إلا أن التحديات اللوجستية والأمنية تظل عقبة كبيرة في تنفيذ هذا القرار بنجاح، مما يجعل الجميع في ترقب لمعرفة ما إذا كانت السلطات ستتمكن من تيسير هذه العملية في ظل الظروف الراهنة.

التعليقات مغلقة.