سد النهضة وخريف السودان: تحديات أمنية ومائية في ظل أزمات متعددة
بقلم: إبراهيم شقلاوي | وجه الحقيقة
منوعات – الاحداث نيوز – تشهد منطقة حوض النيل والقرن الأفريقي تداخلًا معقدًا بين الأزمات السياسية والمناخية، ما يزيد من صعوبة إدارة الموارد المائية. في السودان، لم يعد الاستعداد لموسم الخريف مجرد إجراءات فنية لضبط مناسيب المياه، بل تحوّل إلى مسألة أمنية واستراتيجية حيوية تهدد استقرار البلاد.
تتصاعد المخاوف بشأن تأثير تشغيل سد النهضة الإثيوبي على السودان، خاصة مع استمرار الغموض حول إدارة وتشغيل السد. حيث كشف الخبير المصري عباس شراقي عن وجود “فشل تقني” في تشغيل السد، بعدما امتلأت بحيرته بحوالي 55 مليار متر مكعب دون استخدام فعال للتوربينات، مما قد يؤدي إلى فيضانات تهدد السودان مع نهاية يوليو 2025.
رغم تصريحات بعض الخبراء السودانيين الذين يقللون من حدة المخاطر، تشير التقارير إلى أن غياب الشفافية الإثيوبية في مشاركة بيانات التشغيل يفاقم المخاوف السياسية والفنية، خصوصًا مع استخدام السد كأداة ضغط في العلاقات الإقليمية.
في السياق نفسه، أصدرت منصة نظام التنبؤ المبكر بالفيضانات في حوض النيل الشرقي تقريرًا يشير إلى استقرار الحالة المطرية في السودان ومصر وإثيوبيا حتى سبتمبر 2025، مع توقعات بمعدلات أمطار أعلى من المعتاد في بعض المناطق مثل بحيرة تأنا، دون فيضانات خطيرة.
على الصعيد المحلي، تواجه السودان تحديات كبيرة في الاستعداد لموسم الخريف. فالهيئة العامة للأرصاد الجوية تحذر من موسم خريف صعب، في ظل ضعف القدرات الإدارية وهشاشة البنية التحتية بعد فقدان أسطول الآليات نتيجة أعمال التخريب والنهب خلال الحرب التي اندلعت في أبريل 2023.
رغم الجهود في تجهيز المصارف وفتح القنوات، يبقى العمل غير منظم ومعتمدًا على النفير الشعبي بدلًا من التخطيط المؤسسي، ما يزيد من مخاطر حدوث كوارث طبيعية تتحول إلى أزمات سياسية وأمنية.
وتسعى وزارة الري السودانية إلى تنفيذ خطة “حصاد المياه 2025–2030” التي تشمل 7500 مشروعًا من سدود صغيرة وآبار، بهدف تحسين مصادر المياه في المناطق الريفية. إلا أن التنفيذ يعاني من نقص التمويل، وضعف البنية التحتية، فضلاً عن التحديات الأمنية والاجتماعية.
في الختام، تتداخل عوامل فنية وبيئية مرتبطة بارتفاع معدلات الأمطار وتشغيل سد النهضة مع عوامل سياسية وإدارية داخل السودان، ما يزيد من تعقيد ملف الأمن المائي. ويتحمل المواطن السوداني العبء الأكبر نتيجة هذه التحديات، مما يستدعي إعادة النظر في إدارة الموارد المائية كقضية سيادية تحتاج إلى تخطيط استراتيجي طويل الأمد.
من هنا، تؤكد “وجه الحقيقة” أن التعامل مع موسم الخريف يجب أن يتجاوز الإجراءات الموسمية إلى مواقف سياسية حازمة، وتفعيل مشاريع مستدامة تعزز الأمن الغذائي وتنمي المناطق الريفية، وإلا ستظل الأزمة قائمة مع مخاطر متجددة تهدد حياة الملايين.
الخميس 3 /2025/7م
دمتم بعافية وخير