الاحداث نيوز
عين الحقيقة

سقوط النهود : تفاصيل لم تُحك

منوعات _ الأحداث نيوز _ سقوط النهود: دروس الحرب الكبرى التي لم تُحكَ بعد

إبراهيم شقلاوي | وجه الحقيقة

سقوط مدينة النهود، ورغم ما يحمله من ألم عميق، يجب أن يُفهم في سياق أكبر من مجرد هزيمة أو تراجع ميداني. فهو جزء من حرب الكرامة التي يخوضها السودان ضد محاولات تفكيكه، ويعكس تحولًا مهمًا في شبكة المواجهات الكبرى التي تحدد مصير الدولة السودانية.

في هذا المقال، سنغوص في تفاصيل هذا الحدث بما يخص استراتيجيات الجيش السوداني، تكتيكاته في الميدان، وأثره على معركة الوجود الوطني.

انسحاب تكتيكي وليس هزيمة

التراجع العسكري الذي شهدته مدينة النهود ليس هزيمة بالمعنى العسكري التقليدي، بل هو جزء من انسحاب تكتيكي مدروس. هذه الحركة تأتي ضمن خطة أوسع لاستنزاف مليشيا الدعم السريع، وحرف المعركة نحو مناطق أكثر ملاءمة للاستفادة من القدرات الجوية والمدفعية. فالمكاسب العسكرية لا تقاس بالسيطرة الجغرافية فقط، بل بتفكيك قوة العدو، وتحويله إلى مناطق حيث يصبح أكثر عرضة للضربات المدمرة.

السيطرة على الواقع السياسي

الهجوم على النهود لا يمكن فصله عن أهداف المليشيا السياسية. فكل عملية عسكرية في هذه المرحلة تحمل أهدافًا تفاوضية، حيث تسعى المليشيا إلى تعزيز موقفها على طاولة المفاوضات الإقليمية. لذلك، يمكن قراءة المعركة في النهود كجزء من تحركات عسكرية مسنودة بمنظور سياسي أوسع.

القيادة العسكرية: استراتيجية مرنة وواقعية

رد فعل الجيش السوداني كان سريعًا وذكيًا. انسحبت القوات بشكل منظم من النهود لحماية المدنيين، مستدرجة المليشيا إلى مناطق مكشوفة. وبذلك، نجحت القوات المسلحة في فرض توازن استراتيجي لمواجهة الهجوم. لقد اعتمد الجيش على تكتيك “الصياد”، الذي أثبت فاعليته في ضرب قوى المليشيا بشكل فعال ومؤلم.

الأبعاد الأخلاقية والسياسية

الجانب الأخلاقي والسياسي في المشهد يكتسب أهمية خاصة. فقد كشفت المجازر التي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع في النهود عن غياب المواقف الحاسمة من بعض القوى السياسية تجاه القتل الجماعي وتهجير المدنيين. صمت بعض هذه القوى كان مؤشرًا على أزمة أخلاقية عميقة، بينما شددت الحكومة على أن السودان يواجه معركة وجود حقيقية، وأن الابتزاز السياسي لا مكان له في مثل هذه الظروف.

النهود: درس في الصبر والاستراتيجية

سقوط النهود، مثلما حدث مع مدن أخرى، لا يعني خسارة المعركة. بل هو جزء من استراتيجية كبرى تهدف إلى إعادة ترتيب الأوراق العسكرية في مختلف جبهات السودان. وفي النهاية، ستعود النهود بوعي جديد، ولن تكون مجرد نصر عسكري، بل درسًا في الصبر، والاستراتيجية، وتوحيد الصفوف.

ختامًا: النصر ليس بالسلاح فقط

التحوّل الأهم من معركة النهود هو إجبار المليشيا على سحب أهم تشكيلاتها من دارفور إلى كردفان، وهو ما يعني تقليل الضغط على مناطق أخرى مثل الفاشر. وهذا يفتح الطريق لإعادة ترتيب أولويات الحرب في الاتجاه الصحيح.

كما نرى من #وجه_الحقيقة، فهذه الحرب هي اختبار للإرادة الوطنية، وهي معركة وجود، لا معركة مواقع. فما دامت الوحدة الوطنية قائمة، والجيش ملتزمًا بخططه، فكل تراجع هو استعداد لانتصار قادم. ستعود النهود، وسيظل الشعب السوداني صامدًا، ومؤمنًا بأن النصر يصنع بالثبات والصبر، ووحدة الصف.

دمتم بخير وعافية.

الثلاثاء 6 مايو 2025م

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.