مزمل أبوالقاسم يكتب .. بمقدار
*لم يتم تحرير المصفاة بعد، لكن خروج ملايين السودانيين إلى الشوارع في معظم مدن البلاد وقراها واحتفالهم بطريقة هستيرية (داخل السودان وخارجه) بسبب (شائعة) كاذبة تتحدث عن تحرير المصفاة له عندنا أكثر من معنىً ومؤشر.. فهو يدل ابتداءً على قوة السند الشعبي الذي يتمتع به الجيش في معركة الكرامة، ويثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن السواد الأعظم من الشعب السوداني مصطفٌ بكل طوائفه ومختلف مشاربه خلف قواته المسلحة وبقية القوات النظامية والمشتركة والمستنفرين، وأنه يساند جيشه بلا قيد ولا شرط، ويترقب انتصاراته على أحر من الجمر، ويرى أنها تستحق الإفراط في الفرح، والخروج إلى الشوارع تهليلاً وتكبيراً واحتفالاً وتوزيعاً للحلوى والمشروبات الباردة.. كما تدل هذه الاحتفالات العفوية الصاخبة على مقدار الكراهية التي تغلغلت في نفوس السودانيين إزاء المليشيات المجرمة، وتثبت أن بُغض المرتزقة الأوغاد ثبت في قلوب السودانيين كما ثبتت في الراحتين الأصابع.. شتان بين من يتقصّى الشعب أخباره، ويترقّب انتصاراته، ويفرح بها، ويتدافع لنصرته ودعمه، ويستجير به كلما دنس المرتزقة أي موقع في بلادنا الحبيبة، ويلتمس له العذر إن أخفق أو تأخر.. شتان بينه ومن يفر منه المواطنون فرار الصحيح من المجذوم والأجرب، كرهاً فيه، وخوفاً من إجرامه وعنفه وبطشه.. فليحتفل السودانيون ما شاء لهم المولى عز وجل (ولكن بمقدار) لأن جيشهم الهمام متقدمٌ بحمد الله في ميادين المعارك، وراغب في القتال، ومُصِر وساعٍ إلى تطهير بلادنا من دنس قرامطة العصر الحديث، لكن أوان الإفراط في الفرح والخروج إلى الشوارع احتفالاً لم يئن بعد، لكنه سيحين قريباً بحول الله، لأن انتصار جيشنا الباسل حتمي، لا لقوّته ومتانة إرادته وشجاعة جنده وشدة بأسه فحسب، بل لأنه يقاتل في حضن شعبه، ويتمتع بسند أُمَّته وإرادتها القوية الأبية.. وإرادة الشعوب الحُرَّة لا تُقهر.. ولا تعرف الانكسار.
د. مزمل أبو القاسم